2008/02/12

هوامش على نهائى كأس افريقيا

الاحد 10 فبراير 2008 السابعه تماماً

توقفت الحركه تماماً فى كل بيوت مصر و شوارعها مع بدء مباراة مصر و الكاميرون فى نهائى كأس أفريقيا

رجل الاعمال الكبير الشيخ (صالح كامل) محتكر مباريات الكرة المصرية (بالذات) وافق و تكرم و تعطف على الشعب المصرى (الغلبان) و قرر إذاعه المباراة على التلفزيون المصرى بالتعليق العربى بدلاً من التعليق الفرنسى (السمج) من مذيعى قناة النيل الدولية الذين لا يفقهون عن كرة القدم و التعليق عليها أى شيىء (كان واضحاً لمن يفهمون اللغه الفرنسيه)

كانت هناك اجواء من التفاؤل بين مختلف طوائف الشعب المصرى بالفوز
و لما لا و قد سبق لنا الفوز على الكاميرون فى نفس البطولة و بالأربعة
و لما لا و قد فزنا على ساحل العاج (الأقوى من الكاميرون) و بالأربعة أيضاً
و لما لا و نحن نمتلك لاعبين متميزين صحيح انهم ليسوا محترفين فى اندية اوروبا لكن لديهم روح و اراده و تصميم على الفوز مصاحبه بالتزام دينى من عدد كبير من اللاعبين على رأسهم اللاعب المهذب (ابوتريكه)

بدأت المباراة و انشغل الشعب كله تقريباً بمتابعتها الا من اناس اجبرتهم الظروف على عدم متابعه المباراة..
هؤلاء الناس نستفيد منهم و يخدمونا كل يوم و نحن لا نعرفهم
نعيش نحن و نشاهد المباريات و نفرح و نحزن و هم يؤدون اعمالهم فى صمت و تفان
رأيتهم انا بعين الخيال و اردت ان تشاهدوهم معى ..


الشاويش (محمد) الواقف فى اشاره مرور ميدن (....)
منذ التاسعه صباحاً و حتى التاسعة مساء يقف فى الميدان تحت اشاره المرور ليعطى كل ساعتين تقريراً بان الاحوال (تمام) لقائده فى مكتبه المكيف بإدارة المرور
لم تهمه متابعة المباراة بقدر ما اهتم بتحرير ارقام االسيارات التى تسير عكس الاتجاه للحاق بالمباراة و فض نزاع جرى بين قائدى سيارتين على أولوية المرور
تنهد الرجل و هو يستمع لراديو احدى السيارات المرتفع و هو يصف هجمة خطيرة لمهاجمى مصر بينما كان عقله منشغلاً بكيف يدبر مصاريف الفصل الدراسى الثانى لابناءه فى بلدته بالصعيد



عم (سعيد) مؤذن مسجد (....) و خادمه منذ ثلاثين عاماً
فى تمام السابعه و الربع ارتفع صوته الشجى بأذان العشاء
اقيمت الصلاة رغم اقتصارها على تسعه عشر فرداً فقط لا غير بخلاف الامام
فى نهايه الصلاة دعى الإمام بالتوفيق لمنتخب الكرة وسط تأمين المصلين على دعاءه
ابتسم حين طلب منه الامام ان يفتح الراديو على اذاعه الشباب و الرياضة ليرى كيف سارت احوال المباراة و هو يقول لنفسه : ان شاء الله سنفوز



الدكتورة (علياء) طبيبة الامتياز فى قسم الاستقبال بمستشفى (...) الجامعى
كانت تعرف انه لا يقرب احد هذا المستشفى لسوء سمعته الا فى حالات الحوادث أو الطوارىء
كانت تمنى نفسها بالهروب مع باقى الاطباء من النوبتجيه لمشاهده المباراة او على الأقل مشاهدتها فى التلفزيون القديم الموجود فى غرفه نائب مدير المستشفى
لكن حظها اوقعها فى شلال من الدماء ينزف من شخص فاقد الوعى احضره اهل الخير للمستشفى بعد ان وجدوه ملقى فى الشارع
اخذت تصرخ فى الممرضات بان ينادوا على احد من الاطباء المنشغلين بمتابعه المباراة حتى جاء احدهم بين الشوطين ليلقى نظرة سريعه ممتدحاً مهارتها و عملها
عقب نهايه المباراة بساعة فتح الرجل عينيه و سألها : كم انتهت المباراة ؟
ضحكت لدرجه البكاء و هى تقول له : مصر فازت



المهندس (امين) مدير محطة كهرباء (....)
تلقى اتصالاً فى تمام الخامسه مساء من مكتب وكيل اول الوزراة يحذره من انقطاع الكهرباء عن اى جزء من المدينة اثناء سير المباراة
جمع رجاله و اخبرهم بأنهم لن يتابعوا المباراة و انما سيتابعوا مؤشرات اداء محولات التغذيه التى تمد ثلاثة أرباع القاهره بالكهرباء ووضع على اهبه الاستعداد رجال الطوارىء و الاصلاح لمعالجه اى عطل طارىء قد ينشأ فى اى وصلة مغذية لاى حى
عقب انتهاء المباراة اتصل بالسيد وكيل الوزارة ليخبره بان كل شيىء تم كما اراد لكن تليفونه المحمول لم يرد لانه كان منشغلاً بالاحتفال بفوز مصر مع اعضاء النادى الكبير الذى شاهد فيه المباراه عبر شاشه عملاقة منصوبة امام حمام السباحه



الأسطى (فكرى) سائق قطار مترو الأنفاق
كان يعرف انه لن يشاهد المباراة او يعرف عنها شيئاً فمنذ حادث اصطدام مترو حلوان برصيف المحطة منعت ادارة المترو السائقين من اصطحاب اى شيىء لكابينة القيادة سواء راديو او تليفون محمول لكنه كان ينظر لتعبيرات وجوه الناس فى المحطات المختلفة التى يقف عليها القطار ليستشف منها نتيجة المباراة ..
حين وصل المترو لرصيف التخزين و فتح الباب ليخرج علا صياح الناس فعرف ان مصر قد سجلت الهدف الاول
حين انتهت المباراة كان يستعد للعوده مره اخرى بالقطار فى رحلته العكسية و هو يتمتم فى سره : الحمد لله



عم (ممدوح) العامل فى شركة المياة و الصرف الصحى
كان ذلك الشارع الضيق غارقاً فى المياه المتسربه من البالوعه التى سرق غطاءها الحديدى منذ زمن طويل بينما هو ينظر لساعته التى اشارت لتمام السابعه اثناء اخراجه لاداوته من (الشوال) الذى لم يفارقه طوال خمسه و عشرين عاماً
حين نزل لأسفل بداخل البالوعة و فى خلال عشر دقائق بالضبط كان قد اكتشف كيس قمامه كبير كان يسد ماسورة الصرف اخرجه و هو يسب و يلعن اهالى الشارع الذين يلقون بقذاراتهم فى بالوعات الصرف الصحى
التف حوله الناس ليشكروه و منحه احدهم عشره جنيهات و آخر علبه سجائر (كليوباترا) و دعاه ثالث للمقهى ليشاهد المباراة معهم لكنه اعتذر بأدب و هو يقول لنفسه : كيف يجلس عامل تسليك البالوعات وسط الشباب و الرجال على المقهى ؟



الحاجة (ام محمود) تعدت الثمانين عاماً من العمر
مريضة بالسكر و ارتفاع ضغط الدم و الروماتيزم و هشاشه العظام و قعيده الفراش منذ سنوات فى بيت ابنها العامل فى مصنع الغزل و النسيج بالمحلة الكبرى
كانت نائمة تحلم بان توافق الحكومة على قرار علاجها على نفقة الدولة الذى تاه وراءه ابناءها و ازواج بناتها
كانت تحلم بوزير الصناعة الذى كرمها فى عيد العمال يوم ان اختاروها العاملة المثالية على مستوى مصانع الغزل و النسيج بالمحلة الكبرى عام 1963 يمسك بيدها و يعطيها الدواء الذى ارتفع ثمنه لمائه و سبعين جنيهاً حين ايقظها صياح احفادها و هم يصرخون فى فرح جنونى باسماء ابوتريكه و حسن شحاته
سألتهم ماذا حدث فقالوا لها ان مصر فازت بكأس افريقيا
همهمت فى تعجب : امال لو طلعتوا قرار العلاج كان هيحصل ايه ؟


هناك تعليق واحد:

sara sss يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.