البؤساء
مهما اعادوا عرضه سأشاهده لانه مقتبس عن رواية رائعه للكاتب الفرنسى فيكتور هوجو (Les Misérables) و لى معها ذكريات خاصه ايام اللغة الفرنسية
اخذت اشاهد الاحداث المحفوظة و انا اقول لنفسى :
(فريد شوقى) لم يكن لائقاً ليمثل دور (جان فالجان)
(عادل أدهم) كان رائعاً فى دور رجل الشرطة (جافرت) الذى ظلم الرجل الطيب و طارده طوال الروايه و حين اقتنع ببراءته و تركه يمضى كان كل شيىء بالنسبه له انتهى فانتحر
امامى مطفأه سجائر شبه ممتلئة و كوب شاى ساخن و طبق لب أبيض للتسليه ووصلنا لمنتصف الفيلم حين تبدأ المظاهرات و ....
و شعرت بوخز فى صدرى
ثم تحول الوخز الى قبضة بارده من الالم تعتصر صدرى و ذراعى
و شعرت بالاختناق
احاول النهوض فلا استطيع
احاول الكلام فلا اقدر
و لم ادر بالدنيا الا بعدها بساعتين
قمت و انا اشعر بتنميل فى كل اطرافى
العرق يغمرنى لدرجة ان ملابسى ابتلت
استندت حتى وصلت للهاتف و اتصلت باخى
ثم استدعيت بواب العماره عن طريق جهاز النداء الداخلى (Intercom)
بعدها بساعه تقريباً كنت ممداً على سرير الاستقبال بمستشفى التأمين الصحى التابع للشركة
كشف ظاهرى و قياس للضغط و عينة دم
ثم اعطونى حقنتين
ثم نقلونى لجهاز التنفس الصناعى
ثم اجروا رسم قلب ثلاث مرات متتالية
ثم ركبوا لى شيئاً ما فى زجاجه تنتهى بحقنه وريديه
و لم ادر بالدنيا الا صباح اليوم التالى
فى الصباح اعادوا قياس الضغط و الفحص مرة أخرى و قالوا ان كل شيىء (تمام)
ثم القونى (عفواً : نقلونى) إلى عنبر 16 الخاص بصغار الموظفين
العنبر مساحتة خمسين متراً على الأكثر
به سته اسرة اربعه منها كانت مشغولة و انا شغلت الخامس
و السرير ملحق به دولاب صغير و بطانيتين و لحاف مهترىء
دورة المياة نظيفة بالمقارنة بدورة مياة القطارات
و الممرضات شابات صغيرات مبتسمات دوماً و اشعر بانهن طيبات و يساعدن الناس
فى المساء جاءت طبيبة كبيرة سناً و مقاماً فحصتنى ثم سألتنى عن عمرى و عملى و هل ادخن او اسهر او احب الشاى و القهوة و ....
اجبتها فى براءه عن كل الاسئلة ثم سألتها ماذا جرى لى فلم تجبنى
شعرت بالقلق فقمت من على سريرى لاسالها
اجابتنى فى هدوء : كانت بوادر جلطة لكن الحمد لله انتهت على خير
صرخت فيها مستنكراً : جلطة ؟
قالت لى ان هذا طبيعى و عددت لى الأسباب و طمأنتنى على حالتى و بأنها ازمه و مرت و لن تتكرر طالما التزمت بالتعليمات :
- الاقلاع عن التدخين
- ممنوع الشاى و القهوة بكثرة
- ممنوع اللحوم السمينه او الدهون (ان كنا اصلا نأكلها)
- ممنوع المخللات و الحوادق
- الالتزام بدواء الضغط (Blokium diu) فى مواعيده
ثم وصفت لى بعض الادوية صرفها لى اخى من الصيدلية ووقعت لى على اذن الخروج على ان اخرج فى الصباح لكنى لملمت اشلائى و خرجت عائداً الى منزلى على الفور غير مصدق ما جرى
جلطة و ازمه قلبيه ؟
عندى انا ؟
انا لست مدخنا شرها لهذه الدرجة
و لازلت صغيراً على موضوع القلب و مشاكله
و اشرب شاى و قهوه عادى جداً مثل اى انسان مصرى
صحيح ضغطى مرتفع لكنها حالة وراثية لكل عائلتى و ليست لى وحدى
و اكلى طبيعى جداً لا اكثر من الدهون او الحوادق لان ضغطى عالى بالطبيعه
التف اهلى و اقاربى و اصدقائى و زملائى فى العمل حولى
عشرات التساؤلات و التطمينات و النصائح
حين انتهى الحفل و انفض السامر جلست وحيداً مرة أخرى
شعرت بالخوف
لاول مره فى حياتى شعرت بالخوف
طوال عمرى و انا وحدى تقريباً
فى صغرى كانت لى غرفتى اغلقها على بعيداً عن اهلى منذ ان كنت فى الصف الاول الاعدادى
و فى كبرى عملت و سافرت و استقليت بنفسى وحيداً
كنت اعشق الوحدة
لكن الان الوحدة تساوى الخوف
صليت لله شكراً انه انقذنى
وجلست افكر
راجعت شريط ذكرياتى
و افعالى و اقوالى
لا اعرف ماذا سأفعل غداً لو تكرر الامر
هل اجرى فحوصات شامله لنفسى للتأكد ان كنت مصاباً بأى مشكلة فى القلب ؟
ام انه كان فعلاً حادث عارض ؟
ماذا لو تكرر الامر ؟
ماذا لو كان التشخيص خاطئاً و لدى فعلاً مشكله فى القلب ؟
كنت اعتقد انى متدين و مؤمن بما فيه الكفايه و لا اخاف من الموت
لكنى الان اخاف من الموت
الان فقط اخاف من خاتمتى
انا انسان عادى جداً لست ادعى اننى متدين مائه بالمائة لكنى اصلى و اصوم و اخرج الزكاه و الصدقات و اشارك فى فعل الخير بحسب طاقتى و اكرمنى الله بزيارة بيته الحرام و منحنى نعمتى الستر و الصحة و لم ادعوه طالباً شيىء سوى ذلك
امسكت مخدتى على سريرى و اغمضت عيناى و بكيت
بكيت كما لم ابك فى عمرى من القهر
فى صباح الخميس ذهبت لعملى و عدت لحياتى الطبيعية من جديد
و ها انذا حياً ارزق و قد زاد فى حياتى ضيف جديد
ضيف اسمه الخوف